تعتبر نازك الملائكة من أبرز الشعراء العرب، حيث ولدت في بغداد بالعراق في أغسطس 1922. وتعتبر نازك الملائكة رائدة في مجال الشعر الحر، حيث أحدثت نقلة ملحوظة في الشعر العربي. مسار الشعر العربي الذي سيطر عليه التقليد والأساليب الصارمة. تتمتع نازك بمستوى عالٍ من الثقافة والمعرفة، فهي تتقن أربع لغات، ومن خلال هذا المقال سنستكشف السمات الشعرية الفريدة لنازق الملائكة.

الصور الشعرية في أعمال نازك الملائكة

1- تأثير الأدب الغربي في شعرها

تميزت نازك الملائكة بشغفها بالعلم وثقافتها الواسعة، حيث ظهر تأثير الأدب الغربي بشكل واضح على أسلوبها الشعري. ورغم اختلاف الآراء حول تأثيرها على الأدب الغربي، إلا أن الكاتب نزار حسين رشيد أكد هذا التأثير الكبير. ورأت نازك أن شعر الطفيلة هو أحد مشتقات النثر الخليجي. ومن قصائدها التي تعكس تأثر الأدب الغربي قصيدة “شجرة القمر” التي يأتي فيها الأبيات:

على قمة الجبال الشمالية المغطاة بالصنوبر ** ويغلفها الأفق المخملي والجو العنبري.

ترسو الفراشات في قممها لتقضي المساء ** وفي ينابيعها تستحم نجوم السماء.

عاش هناك فتى متخيل إذا جاع أكل ضوء النجوم ولون الجبال

وفي هذه الأبيات يصف الشاعر جبال الشمال بلغة شعرية تعكس جمال الطبيعة وتجمع بين الخيال والواقع، حيث تبرز الفراشات حالة عدم الراحة التي تعيشها بينما النجوم تستحم في ينابيع الحياة مما يدل على استخدام نازك للعديد من الاستعارات التقليدية والرومانسية.

2- الشعور الوطني

كانت نازك الملائكة شخصية حساسة، تأثرت بشكل كبير بالظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة بها. عاشت الحرب العالمية الثانية والأزمات التي حلت بالوطن العربي مما ملأ كلماتها بالحزن. وكتبت قصيدة بعنوان “الحرب العالمية الثانية” أعربت فيها عن أسفها الشديد وجاء فيها:

وللأسف لم تترك لنا الحرب شيئا ** واختفى الحلم الجميل

من ترى يحرث الحقول الجديدة ** وأين اختفت أغاني الحصاد؟

أين يقضي الأطفال وقتًا ممتعًا في الثلج خلال العطلات؟

أين؟ ضاع الخيال والأحلام، ضاع الجمال، ضاع الرخاء

تتناول هذه الأبيات آثار الحروب على الأمة العربية، فهي تمثل الأحلام المحطمة وفقدان السعادة في حياة الناس، وتسلط الضوء على التغيرات التي تحدث في المجتمعات بسبب الفوضى والصراع.

3- التأمل في الصوفية

وبينما ساد الفساد في المجتمعات، اتجهت نازك الملائكة نحو الزهد والتصوف، معبرة عن حبها للمفاهيم الروحية. تقول في قصيدتها “الزنابق الصوفية للرسول”:

عرفتك في يقين الموت وأرماس ** عرفتك فلاحاً ينثر الزرع في التراب

ويزهر الفأس بين يديه ** عرفتك طفلاً أسود العينين

عرفتك شيخاً ذا خدود ذابلة ** صوفياً غنياً القلب والإحساس

تؤكد نازك في هذه الأبيات على أهمية الروح والإحساس العميق بالحياة، متجاوزة المادة والاتجاهات السلبية للمجتمع.

4- الفلسفة الوجودية

تميل نازك الملائكة بشكل كبير نحو الفلسفة الوجودية، حيث تعكس قصائدها التأمل الذاتي والوعي الفردي. ومن أبرز نصوصها «قصيدة الثعبان» التي تعكس إحساسها بالعزلة والتساؤل عن وجهتها:

أين يجب أن أمشي؟ لقد سئمت من الدروب، سئمت من المروج والعدو الخفي الذي يزحف إليها

لا يزال يتتبع خطواتي، فأين المفر؟ ** الدروب والطرق التي تؤدي بالأغاني إلى كل أفق غريب

تثير نازك تساؤلات حول الاتجاهات والأفكار التي تسيطر عليها، معبرة عن شعورها بالملل والوحدة، باحثة عن معنى عميق في تجربتها.

شعر الطفيلة، والمعروف أيضًا بالشعر الحر، هو أسلوب شعري يتميز بإلغاء قيود الوزن التقليدية، وكانت نازك الملائكة رائدة في هذا المجال. ونأمل أن يكون هذا العرض قد سلط الضوء على السمات الشعرية الغنية لنازك الملائكة، بما يعكس تأثيرها على الأدب العربي الحديث من خلال أسلوبها المميز ورموزها العميقة.