تأسست الدولة الفاطمية في تونس عام 909م، وكانت تسعى منذ نشأتها إلى تحقيق حلمها في السيطرة على مصر التي كانت لها مكانة تاريخية مرموقة وموقع استراتيجي في قلب الخلافة العباسية.

وسنقدم في هذا المقال لمحة شاملة عن نشأة الدولة الفاطمية وتاريخها في مصر.

أصول الفاطميين

ويطلق المؤرخون على أنصار الدولة الفاطمية اسم “الفاطميين”، وهو ما ينسب أيضًا إلى خلفائها، نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ويزعم الفاطميون أن نسبهم يعود إلى أهل البيت عن طريق إسماعيل بن جعفر الصادق. إلا أن العباسيين عارضوا هذا الادعاء واعتبروا أن نسبهم فخر زائف يستخدم لتبرير إقامة خلافة منفصلة عن الخلافة العباسية، مما أدى إلى تفكك الأمة الإسلامية.

مؤسس الدولة الفاطمية

وقبل الحديث عن تاريخ الدولة الفاطمية في مصر تجدر الإشارة إلى مؤسس هذه الدولة:

  • ويعتبر عبيد الله المهدي بن الحسين مؤسس الدولة الفاطمية، حيث أسسها في تونس عام 909م بعد القضاء على دولة الأغالبة، مستفيداً من قوة قبيلته المعروفة باسم كتامة.
    • وأنشأ مدينة المهدية التي أصبحت عاصمة دولته الجديدة.
  • وسماها الدولة الفاطمية نسبة إلى فاطمة الزهراء أم السبطين وبنت النبي صلى الله عليه وسلم.
    • وأكد عبيد الله أن نسبه يعود إلى إسماعيل بن جعفر الصادق.
    • وهكذا كانت الدولة الفاطمية تعمل وفق المذهب الشيعي الإسماعيلي.
    • وهي الوحيدة ذات المذهب الشيعي بين الدول الإسلامية عبر التاريخ.
  • وربما لم يؤمن كثير من المؤرخين بنسب عبيد الله المهدي إلى آل النبي.
    • ومنهم ابن حزم والسيوطي الذي أكد أن نسبه يعود إلى شخصية تدعى ديسان.
    • وفي القرن الحادي عشر الميلادي، أصدر الخليفة العباسي بياناً ينفي فيه ادعاء نسب عبيد الله إلى جعفر الصادق.
  • وجد العديد من الشيعة الإسماعيليين عبيد الله المهدي (지원) واعتبروه الإمام الحادي عشر للطائفة الإسماعيلية.
  • وحكم عبيد الله المهدي نحو خمسة وعشرين عاماً، وتوفي عام 934م، وخلفه ابنه القائم بأمر الله.

تاريخ الدولة الفاطمية في مصر

ويمكن تلخيص تاريخ الدولة الفاطمية في مصر في النقاط التالية:

  • وبعد السيطرة على شمال أفريقيا، سعى الفاطميون للسيطرة على مصر.
    • وكانت مصر هدفهم الرئيسي.
  • وكانت مصر تحت حكم الإخشيديين، وكان سكانها يعانون من قسوة حكامهم.
  • أرسل الخليفة الفاطمي المعز لدين الله جيشًا قوامه 100 ألف مقاتل بقيادة جوهر الصقيلي لاحتلال مصر.
    • وأعد الحاكم المصري أبو الفوارس بن إخشيد جيشا لمواجهته.
      • ولكن سرعان ما هُزم ابن إخشيد وسيطر جوهر الصقيلي على جميع مدن مصر، وهو ما يعتبر بداية الدولة الفاطمية في مصر.
  • وقد لقي جنود جوهر ترحيباً من الشعب المصري، نتيجة الفقر والجوع الذي عانوا منه في عهد الملوك الإخشيديين.
  • وبعد استقرار الأوضاع أمر جوهر الصقيلي بتأسيس مدينة القاهرة
    • وجعلها مقرًا لجنوده، وقسم المدينة إلى ثلاثة أقسام (قسم للبربر، وقسم للروم، وقسم للصقليين).
  • وبعد انتقال السيطرة إلى الفاطميين، قام الخليفة المعز لدين الله بنقل العاصمة من المهدية إلى القاهرة عام 972 م، ليحل محلها مقرًا للخلافة.
  • وأصبحت مصر بعد ذلك المركز الفكري والسياسي للدولة الفاطمية، حيث أولىها الخلفاء الفاطميون اهتمامًا ورعاية كبيرة.
    • تم بناء الجامع الأزهر ودار الحكمة، وهما المركزان الرئيسيان للتعليم واللغة في عصرهم.
  • وبرز في عهد الدولة الفاطمية في مصر عدد من مشاهير العلماء، منهم الحسن بن الهيثم الذي اشتهر بعلمه في الفيزياء والرياضيات والفلك.
  • سقطت الدولة الفاطمية في مصر على يد صلاح الدين الأيوبي عام 1171م.

أهم الأحداث التاريخية للدولة الفاطمية

ومن أهم الأحداث في تاريخ الدولة الفاطمية منذ تأسيسها وحتى سقوطها ما يلي:

  • تأسست الدولة الفاطمية على يد عبيد الله المهدي عام 909م.
    • وبنى مدينة المهدية عاصمة لها عام 920م.
  • وتوسعت الدولة الفاطمية غرباً، وسيطرت على شرق الجزائر وليبيا وصقلية التي ظلت تحت حكمهم حتى عام 1161م.
  • اتجه الفاطميون شرقًا واحتلوا مصر بقيادة جوهر الصقلي في عهد الخليفة المعز لدين الله.
  • دخل الفاطميون في صراع مع العباسيين للسيطرة على بلاد الشام والحجاز.
    • واستطاعوا السيطرة على الحجاز والشام، حيث قاموا بالصلاة على المسجد الحرام بمكة لمدة عام كامل.
  • وبلغت الدولة ذروة قوتها في مناطق الشام، ومصر، والحجاز، واليمن، وشمال أفريقيا (تونس، والجزائر، وليبيا، والمغرب)، كما خضعت المدينتان المقدستان مكة والمدينة لحكمهما.
  • إلا أن قوة الدولة الفاطمية لم تدم طويلاً، إذ بدأت الانقسامات الداخلية تظهر سريعاً، وكانت البداية عندما انفصلت شمال أفريقيا في عهد الأمير المعز بن باديس.
  • وانتفضت القبائل العربية ضد الحكم الفاطمي في فلسطين وعلى رأسهم قبيلة طي، لكن محاولاتهم لإقامة الخلافة في فلسطين باءت بالفشل.
  • ونشأت الصراعات الداخلية بين الإسماعيليين، خاصة في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله، وبلغت ذروتها بعد اختفائه عام 1120م.
    • واعتبر بعض الإسماعيليين اختفائه جزية من الله، في انتظار ظهوره في آخر الزمان، مما أدى إلى تأسيس طائفة جديدة تحت اسم الدروز.

سقوط الدولة الفاطمية

وفيما يلي سنتناول الأسباب التي أدت إلى ضعف وسقوط الدولة الفاطمية في مصر:

  • وتعتبر وفاة الخليفة المستنصر نهاية عهد السلطة للدولة الفاطمية.
    • وبدأ عصر الانحطاط الذي شهد سيطرة أمراء الجيوش على الدولة وتعيينهم للخلفاء.
    • فشل الأمير الأفضل بن بدر الجمالي في مبايعة نزار كولي والياً على عهد ابن المستنصر.
    • وبعد وفاة المستنصر، عيّن الوزير الأفضل أحمد بن المستنصر، ولقبه المستعلي بالله، رغم صغر سنه، وجعله خليفة.
  • صعد نزار بن المستنصر إلى الإسكندرية وأعلن الثورة.
    • وأرسل الوزير الأفضل جيشاً للقضاء عليه وعلى ثورته.
  • وبعد المستلي بالله تولى ابنه الخلافة، لكن مقتله أدى إلى ظهور انقسام جديد في الطائفة الإسماعيلية.
    • ورفض الإسماعيليون الاعتراف بالخليفة الجديد، لاعتقادهم أنه سيكون هناك ابن الأمير بأمر الله الذي سيعود ليكون الخليفة.
  • تولى أربعة خلفاء بعد الأمر بالله، وآخرهم المعتضد بالله، عندما اشتد خطر الصليبيين في عهده، فاستغاث بنور الدين الزنكي في الشام.
  • أرسل نور الدين الزنكي جيشا بقيادة صلاح الدين الأيوبي، الذي أزال التهديد الصليبي عن مصر وأصبح وزير المعتضد، بالإضافة إلى كونه الحاكم الفعلي للدولة.
  • أمر صلاح الدين الأيوبي بإسقاط الدولة الفاطمية في مصر وعودة الدولة إلى الخلافة العباسية عام 1171م.