– الاستيلاء على أموال الآخرين بغير حق
وقد احتوى القرآن الكريم على آيات تحذر من أكل أموال الناس بالباطل، أو التصرف فيها بطرق غير مشروعة. وهذا هو أحد أهم الجوانب التي تناولتها تعاليم القرآن الكريم فيما يتعلق بالمعاملات المالية.
وجاء التحذير من الله، لأن التملك لأموال الناس يؤدي إلى إضعاف النسيج الاجتماعي ونشر الفوضى والمشاكل داخله. وفي هذا السياق، روت خولة الأنصارية – رضي الله عنها – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (رجال يتعاملون في مال الله بغير الحق، لهم النار يوم القيامة).
ضوابط الإسلام في أكل أموال الناس بالباطل
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضيكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) وقد نظر الله في كل ما يؤخذ من الآخرين بوسائل غير تجارية، أو صدقة، أو ميراث، أو عمل، أو نفقة، فهي محرمة وغير مشروعة.
وهذا حرام بأي شكل من الأشكال، سواء كان بالأكل أو الشرب أو شراء الملابس أو الأثاث، أو بناء البيوت. وقد جاء في قوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة عن طيب خاطركم)، حيث يستطيع التاجر أن يشتري سلعة بسعر معين ثم يبيعها بسعر أعلى دون أن يحرم ذلك.
صور الاستهلاك غير المشروع لأموال الآخرين
لا تقتصر أشكال أكل أموال الناس بالباطل على حالة واحدة، بل تشمل مجموعة من السلوكيات في مجالات متعددة، ومن هذه الأشكال ما يلي:
الاستيلاء على أموال اليتيم
يعتبر الاعتداء على حقوق اليتيم من أبرز أشكال أكل أموال الآخرين ظلما، كما يعتبر ظلماً له. ومعاملة اليتيم يجب أن تكون مبنية على العدل. ومن تجاوز ذلك إلى الظلم فهو طاغية ومعتدي. قال الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وهم سيصلون)
ومن فعل ذلك تحول ماله إلى نار تشتعل في بطنه، ويعتقد أن ذلك سيكون سبب مصيره يوم القيامة. وتجدر الإشارة إلى أن أخذ مال اليتيم لا يعتبر ظلماً إذا كان للحصول على حق. فمثلاً إذا كان وليه فقيراً، فله الحق أن يأخذ منه ما يعينه بالمعروف، كما أشار الله – سبحانه – بقوله: (وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ). أساس).
وعن أبي برزة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (يُخرج قوم يوم القيامة من قبورهم والنار تلهج أفواههم. قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ألم تر الله يقول: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً يأكلون في بطونهم ناراً).
الرشوة
وقد حرم الله تعالى الرشوة، كما جاء في القرآن: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها على الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون). تعبر الرشوة عن أحد أخطر أشكال أكل أموال الناس بالباطل، حيث يقوم الراشي بدفع المال للقاضي أو الحاكم للحصول على حكم غير عادل.
وقد لعن الله كل من شارك في الرشوة، حتى الراشي الذي يقدم الرشوة، والمرتشي الذي يأخذها، والوسيط الذي ينقل الرشوة. وقد أجمع الفقهاء على تحريم الرشوة، لما لها من آثار سلبية على المجتمع، وما تؤدي إليه من فساد.
شهادة زور
تحدث شهادة الزور عندما يشهد الشخص بشيء يعلم أنه غير صحيح مقابل الحصول على منفعة مالية. وقد نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك قطعا.
ثبت أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله و عقوق الوالدين، ثم قام فقال: إلا قول الزور وشهادة الزور، فما زال يكرره حتى ظننا أنه لن يسكت).
وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من خطرها وانتشارها بين الناس. تعتبر شهادة الزور من صور أكل أموال الغير بغير حق.
أشكال أخرى من الاستيلاء على أموال الناس بطريقة غير مشروعة
تشمل الأشكال الإضافية لاستغلال أموال الناس ما يلي:
- ومن استقرض مالاً ثم أنكره.
- من حلف كاذباً ليحصل على المال.
- ثمن بيع الخمر ولحم الخنزير وغيرها من المحرمات.
- الغش والخداع والقمار والاحتكار.
عقوبة أخذ أموال الناس بغير حق
وقد أعلن الله – سبحانه – أن جهنم ستكون مصير كل من أكل أموال الناس بالباطل. لأنه يعتبر ظلماً عظيماً. ثم قال الله تعالى: (ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً).
ومن تعدى على أموال الناس بالباطل فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، وأن يرد المال إلى صاحبه إن أمكن. كما يجب عليه تعويض قيمته إذا نضب المال، وفي حالة عدم وجود مالك حقيقي، يجب دفعه إلى ورثته، أو التبرع به للجمعيات الخيرية المعنية بمساعدة الفقراء والمحتاجين.