وسنستعرض في هذا المقال نظرية المعرفة عند ديكارت من منظور الشك. أسس الفيلسوف وعالم الرياضيات الفرنسي رينيه ديكارت نظريته في المعرفة على أسس معينة لا يمكن الشك فيها. عرف ديكارت بتنوع معارفه في مجالات عديدة، ومن خلال هذا المقال سنعرض تفاصيل نظرية المعرفة التي قدمها أبو الفلسفة الحديثة في سياق الشكية.

نظرية المعرفة لديكارت في شك

اعتمد رينيه ديكارت على أسس معينة في تطوير نظريته في المعرفة، حيث رأى أنه من الضروري تحرير العقل البشري من كافة المعلومات المسبقة من أجل البدء في بناء معرفة معينة. وأشار إلى أهمية البدء من الشك كخطوة أساسية في بناء المعرفة. وفيما يلي تفاصيل علاقة الشك بالمعرفة في فلسفة ديكارت:

عن رينيه ديكارت

  • تحدث ديكارت عن أهمية الشك كبداية لاستكشاف المعرفة الجديدة، وأوضح ذلك في كتابيه: “تأملات في الفلسفة الأولى” و”مقالة في المنهج”. وقد ميز ديكارت الشك الديكارتي بأنه الشك المنهجي، وليس الشك المطلق كما يراه بعض اللاأدريين. بل هو شك مؤقت يهدف إلى الوصول إلى المعرفة، ويعبر عن الإرادة الفاعلة للباحث.
  • تطرق الشك الديكارتي إلى المعرفة المكتسبة من الحواس. كونه فيلسوفًا عقلانيًا، جعله يشكك في مصداقية الحواس، التي غالبًا ما تخدع العقل وتجعل الأشياء تظهر على غير حقيقتها.
  • كما تناول الشك الديكارتي المعرفة الناتجة عن العقل، ومن خلال هذا الشك توصل ديكارت إلى الكوجيتو الذي يعبر: “أنا أفكر، إذن أنا موجود”. وتبرز هذه العبارة كدليل على وجود الذات المفكرة التي تشكل أساس المعرفة. وبحسب وجهة نظره يمكن للإنسان أن يشك في كل شيء ما عدا وجوده.

مراحل الشك عند رينيه ديكارت

اتسمت نظرية المعرفة عند ديكارت بمنهجية منظمة، حيث تأتي عملية ترتيب المعرفة الجديدة بعد مرحلة الشك، بحيث تكون المعرفة يقينية. وضع ديكارت أربع قواعد للشك. وفيما يلي أبرز تفاصيل هذه القواعد:

  • القاعدة الأولى: لا تقبل شيئا دون التأكد من حقيقته، فالحقيقة في هذه المرحلة تعتبر إدراكا عن طريق الحدس المباشر وغير المباشر، وكذلك عن طريق الاستنباط، مما يعكس الوضوح والبساطة.

  • القاعدة الثانية: تتعلق بتقسيم المشكلة إلى أجزاء أصغر لتسهيل عملية البحث ومعرفة الجوانب المختلفة المتعلقة بمشكلة البحث، حيث ينتقل الباحث هنا من الكل إلى الجزئي وهو ما يعرف بالتحليل في المدرسة الديكارتية.

  • القاعدة الثالثة: تركز على إعادة ترتيب الأجزاء بشكل هرمي، بدءاً بالأسهل ثم تدريجياً إلى التعقيد، وهو ما يعرف بقاعدة التركيب بعد التحليل. ويعتمد ديكارت في استنتاجاته على نظام السببية، حيث ترتبط المعرفة العلمية بالسبب والنتيجة.

  • القاعدة الرابعة: تتضمن إجراء دراسة شاملة للمشكلة مرة أخرى، مع المراجعات الدقيقة للتأكد من عدم إغفال أي جانب منها. وتهدف هذه القاعدة إلى فهم كافة جوانب المشكلة والتحقق منها بموضوعية ومصداقية تامة.

وقد تناولنا في هذا المقال المعلومات الأساسية عن نظرية المعرفة عند رينيه ديكارت من منظور الشك، بالإضافة إلى استعراض مراحل الشك الأربع وأهم التفاصيل المتعلقة بهذه النظرية.