هناك العديد من النظريات السياسية المعاصرة التي تهدف إلى تنظيم العلاقات الدولية، وعند مناقشة نقد النظرية الليبرالية إلى جانب نقد النظرية الواقعية، نستعرض في مقالتنا على موقعنا العديد من النظريات السياسية المؤثرة في العالم الحديث. وفيما يلي، نلقي نظرة متعمقة على هذه النظريات.

نقد النظرية الليبرالية في العلاقات الدولية

وفي إطار نقد النظرية الليبرالية في العلاقات الدولية، لا بد أولا من فهم مفهوم الليبرالية الذي يقوم بشكل أساسي على مبدأ الحرية والمساواة. وتشمل مطالب الليبرالية حقوقًا مثل حرية التعبير، والدين، والمساواة بين الجنسين.

ظهرت الليبرالية كحركة سياسية لأول مرة خلال عصر التنوير في أوروبا، حيث تمكنت من الحصول على دعم واسع من الفلاسفة والاقتصاديين في ذلك الوقت نتيجة رفضهم للملكية وسيطرة الدين على شؤون الدولة، وهي المبادئ التي كانت سائدة في العالم الغربي.

يمكن اعتبار الفيلسوف الفرنسي جون لوك المؤسس الحقيقي لليبرالية. وقد أسس هذه النظرية خلال القرن السابع عشر من خلال المطالبة بحق الإنسان في الحرية والحياة، مؤكدا على ضرورة عدم انتهاك هذه الحقوق من قبل الحكومات.

وكان هدف جون لوك في دعوته هو التحول من الحكم الدكتاتوري إلى نظام ديمقراطي يشمل كافة فئات المجتمع. انتشرت هذه النظرية على نطاق واسع بعد الثورة الفرنسية التي أطاحت بالنظام الملكي، وسرعان ما انتشرت إلى بقية أوروبا.

وتتميز الليبرالية عمومًا بعدم دعمها لتدخل الدولة في سلوك الأفراد أو الاقتصاد في أغلب الأحيان، كما تؤمن بالحريات الفردية دون أي قيود. إلا أنها تنتقد الحرية عندما تتحول إلى خطاب كراهية يهدد حياة الآخرين.

فيما يتعلق بالاقتصاد، كانت الليبرالية الكلاسيكية مبنية على مبدأ الاقتصاد الحر الذي يعارض تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية. بينما تدعم الليبرالية الاجتماعية تدخل الدولة في الاقتصاد بهدف تحقيق التوازن بين الحرية وتكافؤ الفرص.

نقد النظرية الواقعية في العلاقات الدولية

عند مناقشة انتقادات النظرية الواقعية، من الضروري أيضًا فهم مفهوم الواقعية في السياسة والعلاقات الدولية. تتضمن الواقعية العديد من النظريات السياسية التي تركز على جوانب مختلفة تتعلق بدور الدولة والمصلحة العامة.

تم تقديم النظرية الواقعية للسياسة لأول مرة في منتصف القرن العشرين على يد الباحث البريطاني إي إتش كار، الذي عُرف بانتقاده للمؤسسات الدولية وإيمانه بالتقدم المثالي.

سميت هذه الواقعية بالكلاسيكية، وظهر اتجاه آخر يعرف بالواقعية الجديدة لاحقًا في السبعينيات. وجاء هذا الاتجاه لإعادة صياغة النظريات السابقة بطريقة أكثر تماسكا.

تنظر الواقعية الجديدة إلى الدول باعتبارها الجهات الفاعلة الأساسية في السياسة، حيث يتم تحقيق توازن القوى لتحقيق السلام والاستقرار العالميين، فضلاً عن تعزيز المصالح الوطنية في السياسة الخارجية.

الواقعية تدعم التركيز على النمو الاقتصادي كوسيلة لمنع الصراعات والحروب، كما تعزز أهمية القوة في السلوك الدولي للحفاظ على الدولة ومؤسساتها، إذ تعتمد العلاقات الدولية، في جوهرها، على القوة.

نظريات العلاقات الدولية

وإلى جانب كل من النظرية الليبرالية والواقعية وفروعهما، ظهرت العديد من النظريات السياسية الأخرى التي تسعى إلى تنظيم العلاقات الدولية. وفيما يلي نستعرض بإيجاز بعضًا منها:

  • النظرية البنائية: تؤكد على أهمية مؤسسات المجتمع المدني في تشكيل السلوك الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. وقد اكتسبت هذه النظرية شعبية في الآونة الأخيرة، مع ظهور بعض المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية.
  • النظرية الماركسية: تسعى هذه النظرية إلى تفكيك النظام الرأسمالي وتحويل الملكية الخاصة إلى ملكية تعاونية، مع التركيز على توفير احتياجات الناس بدلاً من تحقيق الأرباح الفردية.
  • النظرية النسوية: تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في العلاقات الدولية وتعزيز كافة حقوق الحياة الأخرى، مع إبراز دور المرأة ومساهمتها في تعزيز حقوقها على المستوى العالمي.

ومن خلال التعرف على نقد النظرية الواقعية ونقد النظرية الليبرالية في العلاقات الدولية، استعرضنا تاريخ ظهور هذه النظريات وخصائصها المرتبطة بشؤون الدولة والأفراد والعلاقات بينهما في مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية. كما استعرضنا سريعًا بعض النظريات السياسية الأخرى وخصائصها.