الإسلام: دين العقل والعلم

مكانة العقل في الإسلام

وقد أولى الإسلام أهمية كبرى للعقل، إذ رفعه إلى مكانة عالية، واعتبره أساسًا للتكليفات، وطريقًا لإثبات الأهلية. ويوصي القرآن الكريم في عدة آيات بالتدبر والتفكر، ويدين الناس الذين يتجنبون التأمل ويعتمدون في تفكيرهم على ما ورثوه من غيرهم. العقل كالنور يقود الإنسان لاستكشاف الكون وفهم أسرار الخلق مما ينفعه في دينه ودنياه.

قال الله تعالى: (قل هو الذي خلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) حيث تشير القلوب إلى العقول التي هي أساس وجوب أداء الواجبات واجتناب المنكرات. مُحرَّم. لا يوجد دين يعلي العقل بقدر ما تعظمه العقيدة الإسلامية، وهذا واضح في الآيات القرآنية التي تدعو إلى التأمل والتحليل، وتحذر من الأمور التي قد تضر العقل أو تعطله. ومنها قوله تعالى: (كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون).

إن تكريم الإسلام للعقل يتجلى في جوانب عديدة، منها:

  • إن القرآن الكريم يمتدح الأشخاص الذين يفكرون ويستخدمون عقولهم، ويدين أولئك الذين يتوقفون عن التفكير. قال الله تعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أصحاب الألباب).
  • لقد وضع الإسلام إطارًا للعقل يمكن أن يعمل من خلاله. وتجاوز هذه الحدود يعتبر جهداً غير مجدٍ وجشعاً غير مبرر.
  • لقد اعتبر الإسلام العقل أحد الضروريات الخمس التي يهتم بها، والتي تعتبر أساس مصالح الدنيا والآخرة. وله دور في فهم تقسيم الأحكام التي تعتبر واجبة على جميع المسلمين، ولا يعذر فيها أحد بجهله.

مكانة العلم في الإسلام

تدعو الشريعة الإسلامية من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلى طلب العلم وتعلمه، وترفع مكانة العلماء، وتعزز مكانتهم. وأول آية نزلت من القرآن الكريم كانت قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق فهو يعلم). وشكلت هذه الآيات الأساس الذي تقوم عليه الأمم، وأكدت على أهمية العلم باعتباره جوهر الدين، لارتباطه بالعقيدة والجهاد والأخلاق والعبادة وغيرها.

وقد أعطى الله للإنسان من خلال المعرفة مكانة خاصة لم يعطها لغيره من المخلوقات. لقد طمحت الملائكة إلى العلم، ولكن الله اختار الإنسان ليجازي به، كما جاء في قوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء) إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .

التشريع الإسلامي لحماية العقل

لقد فرض الإسلام مجموعة من القوانين لحماية العقل والعناية به. وحرّمت كل ما من شأنه أن يضرها، كالخمر والمسكرات، ووضعت حدوداً لها، حيث يعتبر العقل من المصالح الإنسانية الضرورية. لقد أمر الإسلام بالعلم لما فيه من فوائد في تحفيز العقل والتفكير في الأمور، ويرسم أمام العقل طريق التفكير الصحيح بعيداً عن العوائق.

لقد قدم الإسلام دعما كبيرا لفكرة العقل كعنصر أساسي من عناصر الوجوب في الشريعة، وأعطى أهمية خاصة للمعرفة التي تنشأ من استخدام العقل. وأوصى بحفظ العقل، والتهديد بالعقاب على كل ما يضره.