هل للإنسان خيار أم خيار؟

  • تشير معظم الدراسات التي تتناول هذه القضية إلى أن الإنسان يجمع بين كونه مرشدًا ومختارًا في نفس الوقت.
    • بعض الأمور التي يمر بها تُفرض عليه، وبعضها الآخر تُترك له حرية الاختيار، حيث تتضح له الخيارات المتاحة أمامه بشكل واضح.
  • ويعتبر أن معظم جوانب الحياة الشخصية تمنح الإنسان حرية الاختيار، إذ له الحق في تحديد ما يناسبه.
  • ومن ناحية أخرى، هناك قضايا تتعلق بالعقيدة والدين، والتي يجب على الفرد أن يختار بين اتباعها أو تركها.
    • ولا بد من الإشارة إلى أن قرار ترك الأمور الفقهية هو اختيار شخصي، لكنه سيحاسب عليه يوم القيامة أمام الله عز وجل.
  • كما أن هناك قرارات حاسمة في حياة الفرد، يكون تدبيرها نتيجة لتيسير الله له هذه الأمور للوصول إليها.

الإيمان بتوازن الطريق والاختيار

  • وعلى كل فرد أن يؤمن بأنه مهتدي وله اختيار في نفس الوقت، وأن الله قد أعطى للإنسان حرية الاختيار.
    • ومع ذلك، فإنه سيحاسب على هذه الحرية.
  • يهتدي الإنسان بالقدر والقدر، وأمور الخلق والبعث، وكذلك في الحياة والموت، والصحة والمرض، والرزق، وما يحدث له فجأة دون علم مسبق.
    • وينطبق هذا أيضًا على الروابط الأسرية مثل الأب والأم والأشقاء، بالإضافة إلى التحولات المتعلقة بالمعيشة والذكاء والحالة الاجتماعية.
  • وفي المقابل يتمتع الإنسان بالحرية في اختياراته الحياتية اليومية، مثل الأكل والشرب والملبس والسكن والسفر والزواج واختيار المهنة، باستثناء ما يتعلق بالمعيشة.
    • ويمكننا أن نستنتج أن كل ما يتعلق بالاختيار بين الخير والشر، وكل ما يحاسب عليه الفرد، فهو من الأمور التي له فيها الاختيار.
  • لقد أعطى الله الإنسان أدوات الإدراك، كالسمع والبصر والقلب. فشرح له الخير والشر، ثم ترك له حرية الاختيار.
    • وفي النهاية سيحاسب على اختياراته ونتيجة مصيره.

شؤون الإنسان التي يمشي فيها

  • بعض الأمور يعيشها الإنسان بطريقة مسيطر عليها، حيث يفتقر إلى السيطرة عليها.
    • فالرزق من هذه الأمور التي لا يستطيع الفرد التحكم فيها أو تفضيل نوع معين من المعيشة.
    • وحتى طريق الرزق الواسع لا يتبين له إلا بإذن الله.
  • وكذلك الأمور المفاجئة مثل الموت والبقاء والمرض تعتبر من الأمور التي ليس له سيطرة عليها.
    • ومن المعروف أنه لم يتمكن أي شخص من التحكم إلا في الأخبار الجيدة أو تحديد مصير حياته.
    • وكذلك لم يتمكن أحد من اختيار ولادته أو عائلته أو مكان أو طريقة وفاته، كل هذا يتم بمشيئة الله.
  • يعيش الإنسان بحسب مساعيه، فكل ما يفعله يأتي ضمن مشيئة الله وإرادته.
    • وقال تعالى: (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين) التكوير: 29.
    • وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب مقادير الخلق إلى يوم القيامة. رواه الترمذي .
  • وييسر للإنسان على ما خلق الله له من العبادة، وتعمير الأرض، والتكاثر.
    • وفي صحيح مسلم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعملوا فإن كل عامل ميسر، وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله.

الأشياء التي للإنسان حرية الاختيار فيها

  • وفي جوانب أخرى، فإن سيطرة الإنسان واختياره لعواقب قراراته واضحة للعيان.
    • وتشمل هذه الجوانب القناعات والآراء والمعتقدات التي يكتسبها الإنسان من محيطه.
    • وللفرد حرية الاختيار بين هذه المعتقدات أو تكوين قناعات جديدة يراها أكثر صحة.
  • إن حرية اختيار معتقده هي من الأمور المتاحة للفرد، فمن حقه أن يؤمن بما جاءت به الرسل وما أنزل من عند الله.
  • إن اختيارات الفرد اليومية، مثل الطعام والشراب والملبس والمسكن، هي اختيارات يمكنه القيام بها بناءً على قدراته.
  • لكن هناك أمور ينصح بالابتعاد عنها، حتى في الخيارات المتاحة، ويجب أخذ ذلك بعين الاعتبار.
    • وعلى الإنسان أن يحرص على الابتعاد عن المحرمات وهو حر في الاختيار.
  • إن جميع تصرفات الفرد في الحياة تعتبر نتيجة لإرادته الحرة، وهو على دراية بالخيارات الجيدة والسيئة، ولا يضطر إلى اختيار الطريق السيئ.
    • ثم كما ذكرنا سابقاً فإنه يحاسب على اختياراته، كما جاء في قوله تعالى:
    • (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)التوبة:105.
    • ويقول الله تعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) النحل: 32.
    • قال الله تعالى: (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها) آل عمران: 145.
    • وقال الله تعالى: (إن هذه ذكرى فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) الإنسان:29.
    • وفي الحديث: «إن الله خير العبد بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده» رواه البخاري.

يمكنك أيضًا مشاهدة:

شؤون الإنسان: الطريق والاختيار في نفس الوقت

  • وهناك أمور يكون فيها للإنسان خيار واختيار في نفس الوقت، حيث يوجد عنصر الإدارة في الأصل والاختيار في الفرع.
    • على سبيل المثال، القرارات الحاسمة التي يحتاج الفرد إلى فترة طويلة من التفكير قبل اتخاذها.
    • ثم يكتشف أن الله قد سهل عليه الاختيار لأنه الأفضل.
    • ومن أقوى الأمثلة على الجمع بين المسار والاختيار مسألة الزواج.
  • للفرد الحرية الكاملة في اختيار شريك حياته، الشخص الذي يراه الأنسب له.
    • ولكن في النهاية، عندما يصل الأمر إلى الثمر، يكتشف أن الله قد أعد له هذا الاختيار.
  • كما أن هناك من تجربتهم الزوجية غير مرضية، ويشعرون أنهم لم يأخذوا وقتاً للتفكير.
    • لكنهم يكتشفون أن اختيار الله له أن يشهد مرحلة معينة من حياته، وهو من اختار أن يكون في هذه الحالة.

الأدلة من الكتاب والسنة على أن الأمور كلها بيد الله

  • كل ما يحدث في هذه الحياة، وكل ما في الكون، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، فهو بعلم الله ومشيئته وقدره.
    • قال الله تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) القمر:49.
    • وقال الله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) الحديد:22.
  • وفي صحيحي البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: يجمع أحدكم خلقه في بطن أمه أربعين يوما مثل النطفة، ثم يصبح جلطة من هذا القبيل.
    • فيكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، فيؤمر أن يقول أربع كلمات تتعلق بمعيشته، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. ..” وهكذا إلى نهاية الحديث.
  • وفي صحيح مسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة).
  • كما روى النبي صلى الله عليه وسلم:
    • (إن أول ما خلق القلم فقال له: اكتب، قال: ماذا أكتب يا رب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة).
  • وأفعال العباد أيضاً من خلق الله، كما يظهر ذلك في قوله تعالى:
    • (والله خلقكم وما تعملون) الصافات: 96.
    • وقوله تعالى: (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) التكوير: 29.
    • وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خالق كل صانع وصنعته).

قضاء الله وقدره في الكون

  • إن الله تعالى هو الخالق والمدبّر لكل ما يحيط بنا في الكون، ولكنه أعطى للإنسان حرية الاختيار.
  • مسؤولية الإنسان عن أفعاله واختياراته بيد الله عز وجل، الذي يحاسبه على ما اختاره. إن خيرا يكافئه، وإن كان شرا يعاقبه.
  • قال الله تعالى: “والنفس وما سواها وألهمها فجورها وتقواها”. الشمس: 7، 8.
    • وهذا يوضح كيف أوضح الله للإنسان الخير والشر، وترك له حرية الاختيار بين الطريقين.

شروط الإيمان بالقضاء والقدر

إن الإيمان بالقضاء والقدر يتطلب عدة عناصر، منها:

  • الإيمان بأن الله خالق كل شيء، وهو على كل شيء قدير.
  • الإيمان بأن الله تعالى يعلم كل ما يُخفيه الإنسان، فهو يعلم كل شيء.
  • – الإيمان بأن كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ.
  • الإيمان بأن أمور الكون كلها تخضع لرعاية الله بعلمه وقدرته، وتجري بمشيئته.